أمراض المناعة الذاتية تُعد من أكثر التحديات الطبية تعقيدًا، حيث يخطئ الجهاز المناعي في تحديد العدو، ويهاجم خلايا وأنسجة الجسم السليمة بدلاً من حمايتها. العلاجات التقليدية كالأدوية المثبطة للمناعة قد تخفف من الأعراض، لكنها غالبًا ما تُسبب آثارًا جانبية قوية ولا تقدم حلاً طويل الأمد.
ولكن في السنوات الأخيرة، ظهر أمل جديد يتمثل في العلاج بخلايا CAR T، وهو علاج ثوري تم تطويره في الأصل لمواجهة السرطان، ويجري حاليًا توسيع نطاق استخدامه لعلاج أمراض المناعة الذاتية المستعصية.
ما هو العلاج بخلايا CAR T؟
يعتمد هذا العلاج على تعديل الخلايا التائية (T-cells) الخاصة بالمريض وراثيًا لتعبّر عن مستقبلات مستضدية خيمرية (Chimeric Antigen Receptors – CARs)، مما يمنحها القدرة على تحديد وتدمير الخلايا الضارة داخل الجسم بدقة غير مسبوقة.
بعد تعديل هذه الخلايا في المختبر، يتم إعادتها إلى جسم المريض لتقوم بمهمتها في تعقّب الخلايا المستهدفة وتدميرها. هذا الأسلوب أثبت فعاليته العالية في علاج سرطانات الدم، مثل اللوكيميا والأورام اللمفاوية، ويجري الآن استخدامه بشكل تجريبي واعد لعلاج عدة أمراض مناعية.
كيف يعمل علاج CAR T؟
تتم العملية على مراحل دقيقة:
جمع الخلايا التائية من دم المريض.
تعديلها وراثيًا لإنتاج مستقبلات CAR.
إعادة زراعتها في جسم المريض لتبدأ مهاجمة الخلايا الضارة.
مستقبل CAR يحتوي على ثلاثة أجزاء رئيسية:
الجزء الخارجي: يتعرف على المستضدات الخاصة بالخلايا المستهدفة.
الجزء الناقل: يثبت المستقبل على سطح الخلية.
الجزء الداخلي: يُفعّل الخلية التائية عندما يتعرف على المستضد.
في أمراض المناعة الذاتية، يُصمّم هذا النظام خصيصًا لاستهداف الخلايا الذاتية التفاعل (مثل الخلايا B وT المسببة للمرض)، دون المساس بالخلايا السليمة.
أبرز استخدامات CAR T في أمراض المناعة الذاتية
رغم أن هذا الاستخدام لا يزال في مراحله السريرية الأولى، إلا أن نتائجه واعدة في عدة حالات:
1. الذئبة الحمراء (SLE)
أظهرت الدراسات أن خلايا CAR T المستهدفة لبروتين CD19 الموجود على سطح الخلايا البائية يمكن أن تؤدي إلى تحسّن كبير واختفاء الأعراض.
2. التهاب المفاصل الروماتويدي (RA)
العلاج يستهدف الخلايا التائية والبائية المُسببة للالتهاب المزمن وتلف المفاصل. وقد أثبت فعاليته في النماذج الحيوانية.
3. التصلب المتعدد (MS)
يجري البحث حاليًا لتطبيق العلاج على الخلايا التائية المسؤولة عن تدمير الجهاز العصبي المركزي.
4. السكري من النوع الأول (T1D)
تطوير CAR T يستهدف الخلايا التي تهاجم خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين، وقد تكون هذه التقنية مفتاحًا للتحكم في المرض مستقبلاً.
التحديات القائمة
رغم التقدّم الكبير، ما زالت هناك تحديات يجب التغلب عليها:
الدقة في استهداف الخلايا الضارة دون التأثير على الخلايا السليمة.
التحكم في الأعراض الجانبية، وأخطرها "عاصفة السيتوكينات" (CRS).
هروب بعض الخلايا المريضة من الاستهداف المناعي.
التكلفة العالية والتعقيد في التصنيع الشخصي لكل مريض.
آخر التطورات العلمية
تجارب ناجحة على مرضى الذئبة باستخدام CAR T المستهدف لـ CD19.
تصميمات مستقبلات CAR أكثر أمانًا مثل المستقبلات المزدوجة التي تتطلب التعرف على أكثر من مستضد.
استخدام خلايا T التنظيمية (CAR-Tregs) لكبح الاستجابات المناعية الذاتية.
إنتاج خلايا CAR T جاهزة من متبرعين باستخدام تقنيات كريسبر (CRISPR)، لتوفير العلاج بتكلفة أقل وسرعة أكبر.
نظرة نحو المستقبل
الطب الشخصي: تصميم العلاج وفق الخصائص الجينية والبروتينية لكل مريض.
الدمج مع علاجات أخرى مثل مثبطات نقاط التفتيش المناعي (checkpoint inhibitors).
تحسين الأمان عبر مفاتيح تحكم ذكية يمكنها تشغيل أو إيقاف الخلايا عند الحاجة.
توسيع نطاق الأمراض التي يمكن علاجها بهذه التقنية.
الخلاصة
العلاج بخلايا CAR T يفتح آفاقًا غير مسبوقة في علاج أمراض المناعة الذاتية المستعصية. إنّه أسلوب دقيق، مستهدف، وطويل الأمد، يعِدُ المرضى الذين لم تنجح معهم العلاجات التقليدية بفرصة جديدة للشفاء.
تواصل معنا
إذا كنت مهتمًا بالحصول على علاج CAR T في أفضل المستشفيات الصينية أو ترغب بالتواصل مع أطباء متخصصين في العلاج المناعي،
لا تتردد في التواصل معنا عبر موقع Chinamedtours.com – نحن هنا لمساعدتك في كل خطوة من رحلتك العلاجية.